ترامب والشرق الأوسط- صراع المصالح ومخططات الغرب والمواجهة الوجودية

المؤلف: أسامة يماني09.29.2025
ترامب والشرق الأوسط- صراع المصالح ومخططات الغرب والمواجهة الوجودية

إن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بشأن منطقة غزة والشرق الأوسط، بالإضافة إلى ملاحظاته المثيرة للجدل حول كندا، جزيرة غرينلاند والمكسيك، قد تشكل جزءًا من خطة مُحكمة تهدف إلى صرف انتباه الرأي العام، سواءً على المستوى العالمي أو الأمريكي، عن مسائل أخرى ذات أهمية بالغة كان يسعى ترامب لتحقيقها. علاوة على ذلك، تميزت ولاية ترامب الأولى بدعم غير محدود لإسرائيل، والذي تجسد في قرارات خلافية مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها رسميًا كعاصمة لإسرائيل، بالإضافة إلى تركيزه الشديد على ما أسماه "صفقة القرن"، وهي عبارة عن خطة لتسوية شاملة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني برعاية الولايات المتحدة. هذه الإجراءات الاستفزازية أثارت موجة عارمة من الغضب والاستياء لدى الفلسطينيين والعديد من الدول العربية والإسلامية.

تعكس تصريحات ترامب وسياساته توجهًا جليًا نحو إعطاء الأولوية المطلقة للمصالح الأمريكية المباشرة، مع إهمال ملحوظ للدبلوماسية التقليدية والاعتبارات الدولية المتعارف عليها. هذه السياسات ليست مجرد ردود أفعال عفوية، بل هي امتداد طبيعي لاستراتيجيات مماثلة اتبعتها إدارات أمريكية سابقة، وهو ما يكشف عنه التاريخ والخطط التي تم تنفيذها بدقة في المنطقة.

الغرب والشرق الأوسط: صراع محتدم للمصالح

من الضروري ألا نغفل حقيقة دامغة، وهي أن الغرب يرى في أي قوة أو ازدهار للشرق الأوسط تهديدًا حقيقيًا لمصالحه الاستراتيجية الحيوية. لذلك، سعى الغرب جاهدًا للتأثير على أنظمة الحكم في دول مثل العراق، مصر، ليبيا وسوريا، مما أدى إلى تفاقم الخلافات العميقة وزيادة حدة عدم الاستقرار في المنطقة.

خلال فترة الحرب الباردة، قدم الغرب دعمًا سخيًا لحركات وأيديولوجيات معينة، مثل ما يعرف بـ "الصحوة الإسلامية"، وذلك بهدف محاربة النفوذ السوفيتي في أفغانستان. كما لعب دورًا محوريًا في تشكيل المشهد السياسي والديني في العالم العربي، بما في ذلك دعم بعض الحركات الإسلامية المتطرفة.

تُظهر سياسات الغرب المتبعة في المنطقة، خاصة تجاه دول مثل العراق وسوريا وليبيا، ميلًا واضحًا نحو إضعاف الدول العربية وتقويض قواتها المسلحة، مما يجعلها عاجزة عن حماية نفسها أو تحقيق استقلالها الكامل والسيادي. تخدم هذه السياسات مصالح غربية استراتيجية بحتة، مثل السيطرة الكاملة على الموارد الطبيعية الهائلة (خاصة النفط) ومكافحة النفوذ الإقليمي للقوى المنافسة الأخرى.

المخططات الغربية: بين الحقائق الملموسة والنظريات المريبة

لم تعد المخططات الغربية في الشرق الأوسط ضربًا من الخيال أو مجرد نظريات مؤامرة، بل هي حقائق معلنة وواضحة تمامًا لكل من يرغب في قراءتها وتفحصها بعناية فائقة. تتخذ هذه المخططات أشكالًا متنوعة ومتعددة، بدءًا من الإجراءات الفورية والتدخلات المباشرة ووصولًا إلى الاستراتيجيات طويلة الأمد المصممة بعناية، بهدف إعادة تشكيل المنطقة بالكامل بما يخدم المصالح الغربية على أكمل وجه.

هناك مخاوف مشروعة من أن هذه السياسات الخبيثة تهدف إلى استباحة مقدرات المنطقة وثرواتها وفرض هيمنة شاملة وكاملة عليها، وهو أمر يتجاوز مجرد النفوذ الإقليمي أو المكاسب الاقتصادية ليصل إلى حد التهديد الوجودي الحقيقي.

الخطر الوجودي وضرورة المواجهة الحاسمة

إن الخطر الوجودي المحدق بالمنطقة لا يسمح إطلاقًا بالتفاوض على "موت بطيء" أو باللجوء إلى حلول وسطية وترقيعية. يجب مواجهة هذا التحدي المصيري بشكل مباشر وحاسم، كما فعلت روسيا عندما اعتبرت أوكرانيا خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه في سياستها الخارجية. بالنسبة للعرب، فإن الضفة الغربية وقطاع غزة يمثلان الخط الأحمر الأخير الذي يجب الذود عنه بكل غال ونفيس.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة